الجمعة، 16 أغسطس 2013

خاطرة

عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس ، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة !…
لقد جربت ذلك . جربته مع الكثيرين … حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور …
شيء من العطف على أخطائهم ، وحماقتهم ، شيء من الود الحقيقي لهم ، شيء من العناية – غير المتصنعة – باهتماماتهم وهمومهم … ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم ، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم ، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك ، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص . إن الشر ليس عميقا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا .
إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء … فإذا آمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية … هذه الثمرة الحلوة ، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر من الناس بالأمن من جانبه ، بالثقة في مودته ، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم ،و على أخطائهم وعلى حماقتهم كذلك … وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله ، أقرب مما يتوقع الكثيرون … لقد جربت ذلك ، جربته بنفسي . فليست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام !…

أفراح الروح .. سيد قطب 

الخميس، 15 أغسطس 2013

شركة عقارات وطنية

فى شركة عقارات مشهورة بالثقة وتلبية احتياجات العميل دخل عدد من الشباب صغير السن مثقل كاهلة يبدو عليهم العجز فى ملامح مازالت فى طور النضج والنضارة
تكلم واحد منهم بالنيابة عنهم قائلا "نريد بيت لنسكن فية وسمعنا فى المنطقة انكم شركة عقارات ذات سمعة جيدة ونود لو ساعدتمونا على اختيار ما نرغب "
ردت عاملة الاستقبال "شرفنا وجودكم تفضلوا فى غرفة الاجتماعات وسنبعث لكم بأكفأ موظف لدنيا "
هناك وفى غرفة اجتماعات كبيرة على طاولة مكتبية رسمية خشبية بنية اللون .. تتسم بالفخامة
جلس الشباب حولها فى انتظار موظف المكتب
دخل موظف المكتب شاب فى الثلاثينات من عمرة انيق يرتدى بذلة سوداء وقميص ابيض وربطة عنق انيقة فى بساطتها سماوية اللون .. يحمل بيدية بعض الاوراق والنماذج
جلس على رأس الطاولة واخد بذمام الحديث قائلا
"اختياركم لنا شرف زائد للشركة اسمحوا لى ان اساعدكم قدر ما استطيع وحتما سنجد لكم مسكن يليق بكم"
وسألهم "حدثونى عن مواصفات المسكن الذى ترغبون بالعيش فية ؟ "
نظر الشباب بعضهم الى بعض وبدأ بالرد واحد منهم كان يترأس الطاولة من الاتجاة الاخر قائلا
"ما نطلبة بسيط .. نريد مسكن حر ,
مساحتة فى حدود المعقول حتى يجد كلا منا براحة الخاص ونستطيع رغم هذا ان نجد مكانا اخر نجتمع فية لمناقشة امورنا
نريد مساحات خضراء شاسعة فبعضنا اصابة المرض فى مسكننا السابق
نريد شوارع آمنة فى المكان .. لسنا فى حاجة الى ممرات يُقتل فيها بعضا منا قبل الفجر لأنة يرتدى ساعة جعلتة يبدو كمن يملك كثيرا من المال
نريد دور عبادة قريبة منا مساجد وكنائس
فنحن حريصون على اتمام صلواتنا جميعها ولا ضير من بعض القوانين التى تحتم احترام وقت آذان المساجد ووقت اجراس الكنائس
وحريصون ان نكون بجوار بعضا البعض حتى لا تفصلنا فى المسكن
ونرغب فى ارض فضاء قريبة منا فنحن نخطط لبناء حضارات جديدة .. لا تستنكر ما اقولة فنحن جئنا من نسل الحضارة بعينها
اما عن مزاولة اعمالنا فنحن لا نتقيد بشئ ما .. نستطيع ان نعمل فى اى شئ ونبرع فية .. نحتاج فقط الى دليل مبدأى وسنقوم نحن بالباقى
اما عن القيادات فلا نرغب بها تماما نحن كفيلون بالقيادة
فلا نرغب فى ان ننادى احدهم مولانا ولا نطمع فى امان مشروط من بعضهم تحت شمخة زى الجنود
وحتما لا نريد من يقولون عليهم ذوى الشئون العليا فى المنطقة ..
توقف الكلام لبرهة وقال .. اعتقد هذه اهم المواصفات
نظر لموظف الشركة فوجده عابس الملامح مشتت الفكر وتحوم حولة علامات الاستفهام
فقال له .. 
سأجعلها اكثر سهولة لك .. نحن جئنا من مكان لا نرغب فى بيعة ولا نستطيع ترميمة ويقتلنا المكوث فية 
فكل ما نرغب بة هنا هو وطن أخر للإيجار ..
ابحث لنا عن وطن غير وطننا والباقى من ادارة شئونة وبناء حضارتة وعلومة وفنونة وارساخ مبادئة والحفاظ على حدودة واحترام كرامة مواطنية .. نحن كفيلون بها

وعلى الرغم من كِبَر الازمة التى يعيشها هذا الشباب الا ان بعد الاجتماع لم تكن المشكلة توقفت عندهم
اكفأ موظف فى الشركة الذى حضر معهم هذه المواصفات اصبح من الصعب علية ان يجد لثنائى جديد سيتزوج مسكن فى نفس الوطن فما كان بإمكانة ان يتحمل ذنب اطفال تكبر هنا
وحتى الشركات التجارية والمكاتب الهندسية لم يعد يستطيع ان يوفر لهم مكان عمل سيدفعوا اعمارهم فى تلك المكاتب ولن يرد لهم الوطن الشكر الا بباقة ورود يوم انتهاء عملهم
وامام قرار مصيرى بتركة للعمل او ان يزيف الحقائق المنثورة امام جميع المواطنين
فهو مثلهم ايضا لة ابنة صغيرة مازالت تحبى وتجرى علية عند عودتة من العمل
اخذ يرتدى بذلتة الانيقة كل يوم ويذهب للعمل ويضحك فى وجة كل عميل يبحث لة عن مكان يريدة وظل يبحث لهم ولة حتى اخر ايامة عن مكان فى وطن لا يراهم ولا هم يروه ..   








الأحد، 4 أغسطس 2013

أتعلم يا صديقى

تغير الكثير منذ رحيلك وتزداد غرابة الأمر انه حين تنظر فى تفاصيل كل يوم لا ترصد تغيرا  ظاهرا ولكنك حين تنظر لبضعة سنين مضت تجد ان الكثير قد تغير
كنت اتفحص اشياءك منذ ايام وتجلت فى افكارى كيف ان الاشياء .. اشياءك كانت تفى لك بالاخلاص كل يوم اكثر من الايام التى سبقتها
بقيت موسوعة محمود درويش الكاملة على منضدتك فى زاوية عمودية على ركنها وهى تخرج منها ورقة صغيرة تبدو كورقة زهرة جفت فى الكتاب تماما كما تركتة انت
وفوقة اخر كتاب نظرت لة عينيك على نفس زاويتة .. أتعلم لم يستشعر احدا قوة ان يقرأ كلمات حفظتها عينيك قبلة .. قوة الفكرة والحروف ولو كان يعرفك عن ظهر قلب لعلم تماما فيما كنت تفكر وانت تقرأ هذة الكلمات
حتى مصباحك الصغير مازالت بصماتك تتخلل الوانة الصفراء جعلتها اكثر صفارا
واذا تطرقنا لما كنت ترتدية فمازال كما هو بعضا منة فى الخزانة والبعض الاخر معلقا على شماعة حائطك
كتب دراستك واريكتك ومكتبك الصغير ايضا مازالوا كما تركتهم
يمكن للاشياء ان تصبح وفية بحق اذا لم يمسسها بعدك احد ستبقى على بصمات يدك عليها وروحك فى ترتيبها وذوقك فى اختيارها .. لعل ما يغيرها هو ان غيرك بمجرد غيابك يمسكها ويغيرها وكأنها اصبحت حقة المكتسب وكأن هذه الاشياء لم تكن ملكك فى يوم مضى وان لها الحق فى ان ترفض التغيير مادمت لست هنا
بإمكان الاشياء ان تفى لصاحبها اكثر ممن صاحبهم فى عمره .. لعل ذلك لأنها تظل بصحبتك وقتا اطول ..
تغيرت الاماكن التى كنا نرتادها ايضا .. اتعلم بإمكان اخريين ان يجلسوا حيث تعودنا ويضحكوا ايضا
وحين تعلو اصواتهم فى الحوار بينهم اجد انها جمل تشبة كثيرا ما كنا نفكر فية ونتحدث عنة
آة يا صديقى كيف للاشياء ان تتغير بعضها ويبقى بعضها على حالة فى الظاهر وانت لست هنا .. !
افتقدك كثيرا واذا بدأت بإحصاء الاشياء التى تذكرنى بك والتى تغيرت كثيرا بعدك سأحتاج اكثر من ورق دراستنا .. اتذكر ! تلك الكميات المهولة من الورق التى اعتدنا ان نذاكرها
اتذكر اسماء الاغانى والمقاطع التى كنا نكتبها فى الورق لأننا لا نرغب فى المذاكرة !
سأحتاج حتما لورق اكثر من هذا !
أتذكر كم من أحلامنا محينا عندما اكتشفنا اننا بالفعل لما نعد صغاراً وان بعض الاشياء كأن نصير رجال فضاء لن نستطيع ان نفعلها
أتذكر حب الطفولة ؟ تلك الصغيرة ذات الجدائل الممشوقة التى كانت تذهب معنا المدرسة
أتذكر كم كنا نتعارك عندما يتشبث كلا منا بفريق كرة القدم الذى يحبة وهو يقنع الاخر بأفضليتة !
لا أعرف ان كنت تذكر ام لا لكنى اعرف انك لست هنا لتجيب واعرف ايضا اننى لم انسى بعد مضى هذة السنين ..
يا من مر طيفة بالبال وذكرنى غيابة بمدى اشتياقى له .. انت على البال دائما كنت ودائما ستكون

الى من على الرغم من مضى السنين مازالوا يستحقوا لقب الاصدقاء .. دمتم اصدقاء