لم تكُن البدايةُ له سِوَى أمر حَاسم تحصِيل حاصِل
مِثلَما بدأ عمرِه ومِثلما أخَذَت الأيّام تستَرسِل من بين عمرِه فجر يلِى ظُلمة ,
وفرحَة تلِى حُزن لم يتوقّع أيّا منهُما ..
لم يتوقّع نهايةً مختلفةً فكان مؤمناً أن مَن عاش عمرَه تقليدياً لن يمُوت بطرِيقةٍ استثنائيةٍ !
وفى لحظَة بدَت وكأنّها الحد الفَاصِل بين الخيَال الذى كان يعيشه كلّ يومٍ وبين الوَاقع الذى كان يتمنّاه عالقاً فى ذاكِرتِه لم يأخُذ منه سِوَى حقيقة أنّه قادر على أن يحلُم .. هناك وعلى مكتَب لم يكُن إلا إرثُه الوحيد من والديه فى غرفةٍ لم يخْتًر ترتيبَ أثاثِها
كانت ذكرياتُ الماضِى تسبَح حولَه مثل مركَز الدوامةِ أخَذَت تتصَارع مع بعضِها وحولَه ولم يكن بيديه سِوَى أن يستَسلِم لها , حملته رائحة مقعَد مكتبِه ذلك المُزَخرَف بالصدفِ الأبيضِ وسَط خشبِ الأرابيسك إلى يومٍ كان يلعَب بجانبِ هذا المقعد وأمُه تُدخِل القهوةَ على أبيه قاطعة كل أفكارِه المنثورةِ على ورقِه الأبيَض , فكّر حينَها أنّه لم يكُن يتوقّع أنّه بعد مرور خمسين سنَة من عمرِه أنّهم سيمرّوا هكذا , كان للأحلام حينَها طعم الإرَادة ونشوَة الحماس , كان يتسَائل فى ذاتِه أين ذهبَت هذه الإرَادة ! ومتى بالتّحدِيد ترَكته أحلامِه أم أنَّه هو من تخلَّى عنها
شَرَدَ بنظرةٍ خارِج النافذةٍ ليَجِد شوارِع مظلِمة تنِيرَها كل عدةِ أمتَار عمُود إنارة مرَّعليه الكَثير من الزمنِ وهو صَامِد صمُودِه هذا , فى وطنٍ لم يعُد يعرِفَه إلا ببقَايَاه المحفُورة فى القلوبِ ورائحَة ليله المَخزونَة فى الذّاكرةِ
قَاطَعته أم أولادِه وهى تخبِره أنها غدا ستذهَب لبيتِ ابنَتِهم لتَزورها فهى مازالت عَرٌوس جديد .. لم تكُن تدرِى طِيلَة هذه الأعوَام لِمَاذا كان يُصِر أن يُنَادِيها بأُم أولادِه دائماً حتى أنّه كان نادِراً أن يقول اسمها , لم تكن تدْرِى أن قلبَه لم يدخله سِوَى واحِدة عندما خرَجَت منه أخَذَت قلبه مَعَها ورحلت وأنهم عندما عَرَّفُوه عليها كَذِبوا عندما قَالوا أنَّه لم يكُن متَزَوِّج من قبل .. ولَكِن هَيْهَات لمجتَمعٍ لا يعْتَرِف بزواجِ القلوب التى عقَدَت قرانِها مدَى الحيَاةِ !
أصبَح رجلٌ يتكلّم بالإيمَائات لم يكٌن هكذا ولكنّه لم يعُد يتسائَل لمثل هذه الأشياءُ فأعْتاَد أن يتغَيّر دون أن تحفَظ الظّروف حقّه فى أنّه لا يُريد أن يتغيّر ..
خمسَةُ وعشرُون عاماً مع امرأة ظنّت أن ما فى القلب سِواها فى بيتٍ لم يختاره مثل عَروسِه وبعد عدّة أعوَام وجَد نفسَه أباً لثلاثة أطفال لم يعُد يتذكر من منهم اختار اسمائهم أكان هو ام كانت ام اولادة
أخذ يعلو فى عملة وهو يتذَكر كل يومٍ وهو فى طريقِه يومَ اختلَف مع والده فى هذا العمَل وأن والده أقنَعه أن
يبْدأ هناك ويغيّرها أن سنَحَت له الأيّام فرصَةً جديدةً فكان يضحَك سخريةً عندَما يكتشف أنّه اليوم المكمّل لسنِين وظيفته وأنّه بعد اليوم لم يعُد يحتاج لعملِه , بل لم يعُد يحتاج لأى عمَل !
لم يكن يؤلمه أكثر من أنّه لم يكُن يجِد اجابة عندما يسأله الآخرون ما هو حلمُك ؟!
فكان يجدُوه محظُوظاً فى الحياةِ لم يكُونوا على علمٍ بآلام أصبَحت تضحِكه من فرطِ ما ألمته
فى هذه اللّحظات التى لم تستطِيع أن تُشغِله بقدرٍ كافٍ ليتَجَاهل دقّات السّاعة ذهاباً واياباً دقيقة تصْحَب الأخرَى لتُعلِن السّاعة موعِد نومِه , وما أن هَمّ بمغادرةِ الغرفة إلى أن تذكّر أن اليوم لم يعُد فرضاً عليه أن يستيقِظ باكِراً فقد انهَى مدة عملِه وأنّ أطفاله لم يكُونوا بالبيتِ أيضا فهُم الان كلاً فى بيتِه , وها هو دون أيَّام قادِمة وساعَات اضافيَة وزوجَة قلبه وعمل يحبّه !
استيقَظت أم أولادِه على ضحكِه الهسْتيرى العَالى وهو يطمْئِنها ويقُول لها اكمِلى نومَك
لم يتوقّع نهايةً مختلفةً فكان مؤمناً أن مَن عاش عمرَه تقليدياً لن يمُوت بطرِيقةٍ استثنائيةٍ !
وفى لحظَة بدَت وكأنّها الحد الفَاصِل بين الخيَال الذى كان يعيشه كلّ يومٍ وبين الوَاقع الذى كان يتمنّاه عالقاً فى ذاكِرتِه لم يأخُذ منه سِوَى حقيقة أنّه قادر على أن يحلُم .. هناك وعلى مكتَب لم يكُن إلا إرثُه الوحيد من والديه فى غرفةٍ لم يخْتًر ترتيبَ أثاثِها
كانت ذكرياتُ الماضِى تسبَح حولَه مثل مركَز الدوامةِ أخَذَت تتصَارع مع بعضِها وحولَه ولم يكن بيديه سِوَى أن يستَسلِم لها , حملته رائحة مقعَد مكتبِه ذلك المُزَخرَف بالصدفِ الأبيضِ وسَط خشبِ الأرابيسك إلى يومٍ كان يلعَب بجانبِ هذا المقعد وأمُه تُدخِل القهوةَ على أبيه قاطعة كل أفكارِه المنثورةِ على ورقِه الأبيَض , فكّر حينَها أنّه لم يكُن يتوقّع أنّه بعد مرور خمسين سنَة من عمرِه أنّهم سيمرّوا هكذا , كان للأحلام حينَها طعم الإرَادة ونشوَة الحماس , كان يتسَائل فى ذاتِه أين ذهبَت هذه الإرَادة ! ومتى بالتّحدِيد ترَكته أحلامِه أم أنَّه هو من تخلَّى عنها
شَرَدَ بنظرةٍ خارِج النافذةٍ ليَجِد شوارِع مظلِمة تنِيرَها كل عدةِ أمتَار عمُود إنارة مرَّعليه الكَثير من الزمنِ وهو صَامِد صمُودِه هذا , فى وطنٍ لم يعُد يعرِفَه إلا ببقَايَاه المحفُورة فى القلوبِ ورائحَة ليله المَخزونَة فى الذّاكرةِ
قَاطَعته أم أولادِه وهى تخبِره أنها غدا ستذهَب لبيتِ ابنَتِهم لتَزورها فهى مازالت عَرٌوس جديد .. لم تكُن تدرِى طِيلَة هذه الأعوَام لِمَاذا كان يُصِر أن يُنَادِيها بأُم أولادِه دائماً حتى أنّه كان نادِراً أن يقول اسمها , لم تكن تدْرِى أن قلبَه لم يدخله سِوَى واحِدة عندما خرَجَت منه أخَذَت قلبه مَعَها ورحلت وأنهم عندما عَرَّفُوه عليها كَذِبوا عندما قَالوا أنَّه لم يكُن متَزَوِّج من قبل .. ولَكِن هَيْهَات لمجتَمعٍ لا يعْتَرِف بزواجِ القلوب التى عقَدَت قرانِها مدَى الحيَاةِ !
أصبَح رجلٌ يتكلّم بالإيمَائات لم يكٌن هكذا ولكنّه لم يعُد يتسائَل لمثل هذه الأشياءُ فأعْتاَد أن يتغَيّر دون أن تحفَظ الظّروف حقّه فى أنّه لا يُريد أن يتغيّر ..
خمسَةُ وعشرُون عاماً مع امرأة ظنّت أن ما فى القلب سِواها فى بيتٍ لم يختاره مثل عَروسِه وبعد عدّة أعوَام وجَد نفسَه أباً لثلاثة أطفال لم يعُد يتذكر من منهم اختار اسمائهم أكان هو ام كانت ام اولادة
أخذ يعلو فى عملة وهو يتذَكر كل يومٍ وهو فى طريقِه يومَ اختلَف مع والده فى هذا العمَل وأن والده أقنَعه أن
يبْدأ هناك ويغيّرها أن سنَحَت له الأيّام فرصَةً جديدةً فكان يضحَك سخريةً عندَما يكتشف أنّه اليوم المكمّل لسنِين وظيفته وأنّه بعد اليوم لم يعُد يحتاج لعملِه , بل لم يعُد يحتاج لأى عمَل !
لم يكن يؤلمه أكثر من أنّه لم يكُن يجِد اجابة عندما يسأله الآخرون ما هو حلمُك ؟!
فكان يجدُوه محظُوظاً فى الحياةِ لم يكُونوا على علمٍ بآلام أصبَحت تضحِكه من فرطِ ما ألمته
فى هذه اللّحظات التى لم تستطِيع أن تُشغِله بقدرٍ كافٍ ليتَجَاهل دقّات السّاعة ذهاباً واياباً دقيقة تصْحَب الأخرَى لتُعلِن السّاعة موعِد نومِه , وما أن هَمّ بمغادرةِ الغرفة إلى أن تذكّر أن اليوم لم يعُد فرضاً عليه أن يستيقِظ باكِراً فقد انهَى مدة عملِه وأنّ أطفاله لم يكُونوا بالبيتِ أيضا فهُم الان كلاً فى بيتِه , وها هو دون أيَّام قادِمة وساعَات اضافيَة وزوجَة قلبه وعمل يحبّه !
استيقَظت أم أولادِه على ضحكِه الهسْتيرى العَالى وهو يطمْئِنها ويقُول لها اكمِلى نومَك
فأنا بخَير ..